الأربعاء، 29 فبراير 2012

اليهوديه في الانجيل (للمعرفه والثقافه )

اليهود في الاناجيل القسم الاول عرض ونقد
كتبهـا : nader isa - بتــاريخ : 3/8/2010 2:33:01 PM, التعليقــات : 0
شخصيات رؤساء الكهنة والفريسيون والكتبة
ان رؤساء الكهنة والفريسيين والكتبة هم من أهم الشخصيات التي اعتمدت عليها الكنائس في كتابة قوانين الإيمان, من قانون تعدد الآلهة المتمثلة بالأقانيم الثلاثة, وذلك بالاستشهاد بعض النصوص التي تتحدث عن ابن الإله في العهد القديم, والتي ظهرت فيما بعد في المجامع المسكونية وخاصة مجمع نيقية الذي عقد سنة 325 بعد الميلاد بشكلها النهائي, إلى قانون الفداء والخلاص من الخطيئة الأبدية بالصلب على الخشبة, وقانون نزع العهد الإلهي من اليهود وجعله في أتباع الكنائس تحت مسمّى العهد الجديد, وغيرها من قوانين الكنائس.
وهذا الاعتماد نلاحظه في الدور الذي لعبوه في حياة يسوع كما كُتب في الأناجيل, سواء في دورهم في قصة الصلب أو دورهم في مقاومة يسوع, أو في الطريقة التي اعتمدها كتبة الأناجيل في تصوير هذه الشخصيات وموقفها من يسوع.
وفي هذا القسم سأستعرض هذه الشخصيات في أغلب مواقفها التي كتبت عنها في الأناجيل لنرى إن كان كتبة الأناجيل قد نجحوا بكتابة شخصياتهم الحقيقية بما يتوافق مع القوانين الكنسية أم أنهم لم ينجحوا كما حدث معهم بالنسبة للشخصيات التي سبق الحديث عنها.
ان دراسة هذه الشخصيات ضرورية لمعرفة حقيقة شخصية يسوع وصفاته من خلال مواقف أهم أعدائه منه وموقفه منهم, لأننا عندما نتحدث عن يسوع كما هو في التصور الكنسي فإننا لا نتحدث عن إنسان عادي أو حتى عن نبي من الأنبياء لان يسوع في قوانين الإيمان الكنسية يمثل الاقنوم الثاني من الاقانيم الثلاثة الذين هم واحد.
فوجود أعداء شخصيين لهذا الاقنوم أو الاقانيم الثلاثة باعتبار الوحدة التي تجمعهم ليس من السهل تخيله, لأنه يفترض بمن هذا صفته أن يكون هو من خلق الناس والسموات والأرض بحسب قوانين الكنائس, فظهور أعداء مباشرين لهذا الاقنوم وهم من مخلوقاته بحسب قوانين الكنائس أيضاً, يدعو للحيرة كما انه يدعو لدراسة هذه الشخصيات وما تتمتع به من صفات ومميزات حتى لا أقول أن تقف في وجه الاقنوم الثاني من الاقانيم الثلاثة الذين هم واحد بل أن تفكر أو أن يخطر في بالها ان تقف هذا الموقف العدائي المباشر, وخاصة ان الأناجيل تخبرنا ان هذه الشخصيات استطاعت في نهاية الامر ان تعلق هذا الاقنوم او الاقانيم الثلاثة بحسب الوحدة والاتحاد وكذلك بحسب قانون كل كنيسة على الخشبة وتقتله, ليصبح بعدها لعنة كي يخلص أتباعها من خطاياهم كما ذكر بولس وبحسب قوانين كل الكنائس المختلفة!
ان أول ذكر جاء في الأناجيل للفريسيين والكتبة بحسب الترتيب الزمني كان في إنجيل لوقا في فترة صبى يسوع كما في النص التالي:
- وبعد ثلاثة أيام وجداه في الهيكل جالساً وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم,
وكل الذين سمعوه بُهتوا من فهمه وأجوبته,
فلما أبصراه اندهشا, وقالت له أمه يا بني لماذا فعلت بنا هكذا,
هو ذا أبوك وانا كنا نطلبك معذبين,
فقال لهما لماذا كنتما تطلبانني ألم تعلما انه ينبغي أن أكون في ما لأبي, فلم يفهما الكلام الذي قاله لهما, ثم نزل معهما وجاء إلى الناصرة وكان خاضعاً لهما. (لوقا2/46-49)
هذا النص وان كان لم يذكر كلمة الفريسيين أو الكتبة أو رؤساء الكهنة إلا أن كلمة المعلمين تشير إليهم, فالذين يُعلمون في الهيكل لا بد أن يكونوا من هذه الفئات.
وما يثير الفرح في الكنائس أن يسوع كان مثار إعجاب المعلمين حتى أنهم بُهتوا من فهمه وأجوبته, مع ان لوقا لم يذكر لنا ان المعلمين كانوا يسألون يسوع بل قال ان يسوع هو من كان يسمع المعلمين ويسألهم! ولكن الجملة التي لا تفرح بها الكنائس هي قول لوقا ان مريم قالت ليسوع هو ذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين!
هل حقاً كانت مريم تعتبر يوسف النجار أب يسوع من الناحية الجسدية؟
كيف لم يلاحظ لوقا انه بهذا القول يهدم ركناً مهماً من أركان قانون الكنائس, اذ ان قوانين الكنائس بخصوص يسوع قائمة على ولادته من امرأة دون رجل؟
وهنا سؤال يطرح نفسه وهو كيف وافق الروح المقدس, الذي تقول الكنائس عنه انه كان يسوق كتبة الأناجيل, على كتابة هذه الجملة التي تثير الشكوك في كون يسوع ولد من غير رجل؟
ألم يكن في استطاعة الروح المقدس تنبيه لوقا إلى خطأ هذا المعنى وكتابة جملة أخرى تؤدي الغرض منها كأن يكتب لوقا على لسان مريم فتقول هو ذا عمك أو خالك أو زوجي وأنا كنا نطلبك معذبين؟!
أم إن الروح المقدس كان موافقاً على كلام لوقا الذي كتبه على لسان مريم, وهو يعتبر أن يسوع ابن يوسف النجار من الناحية الجسدية أيضاً؟
وأما تعقيب لوقا على قول يسوع في جوابه ليوسف ومريم فقال لهما لماذا كنتما تطلبانني ألم تعلما انه ينبغي أن أكون في ما لأبي, فلم يفهما الكلام الذي قاله لهما, فهو يحمل أكثر من علامة استفهام على صدق ما كتب في الأناجيل وخصوصاً إنجيل لوقا نفسه عن ظهور ملاك الرب ليوسف ومريم وإخباره لهما أن الذي حبلت به مريم هو من الروح المقدس وانه ابن الإله! لأنه لو كانت هذه الظهورات والمشاهدات والنبوءات لملاك الرب صحيحة لفهما قصد يسوع من كلامه!
بعد هذه القصة يذكر متّى في إنجيله هؤلاء في حادثة مع يوحنا المعمدان قبل تعميده ليسوع فيقول:
- فلما رأى كثيرين من الفريسيين والصدوقيين يأتون إلى معموديته قال لهم يا أولاد الأفاعي من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي,
فاصنعوا أثماراً تليق بالتوبة,
ولا تفتكروا ان تقولوا في أنفسكم لنا إبراهيم أباً, لأني أقول لكم ان الرب قادر ان يقيم من هذه الحجارة أولاداً لإبراهيم,
والآن قد وضعت الفأس على أصل الشجر فكل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تقطع وتلقى في النار. (متّى3/7-10)
هذا هو النص الثاني الذي يتحدث عن الفريسيين وهو كما نعلم كان قبل تعميد يوحنا ليسوع, وأستطيع ان اعتبره تمهيداً لما سيكون عليه الموقف منهم, أو بالمصطلح الحديث هو حملة إعلامية استباقية للموقف المتخذ تجاههم, وإلا ما معنى أن يصفهم يوحنا بأولاد الأفاعي ولم يظهر منهم أي عمل خاطئ أو مخالف ليوحنا المعمدان!
فيوحنا كما في النص عندما ظهر في عبر الأردن ودعا اليهود للتعميد من أجل رفع خطاياهم لبّوا دعوته, فلماذا يهاجمهم هذا الهجوم العنيف ويصفهم بأنهم أولاد أفاعي؟
فهذا النص يمكن ان نعتبره أنه يُهيئ الناس للصفات التي ستلصق برؤساء الكهنة والفريسيين والكتبة واليهود عموماً بحيث يكونوا متهمين قبل إقدامهم على أي عمل, وخاصة إذا علمنا أن الأناجيل كتبت بعد رفع يسوع بعشرات السنين.
أما يوحنا كاتب الإنجيل فانه لم يَنح هذا المنحى فذكر أول ظهور لرؤساء الكهنة والفريسيين والكتبة بطريقة لا تخلوا من الموضوعية وهو تقريباً كان في نفس الفترة الزمنية لنص متّى, أي قبل أن يُعمّد يوحنا يسوع, إذ كيف يبدأ بالهجوم عليهم وهم لم يروا بعد ما يريب من يسوع فكان لا بد من أن يتأكدوا من صفة يسوع أولاً حتى يقرروا موقفهم منه فكتب قائلاً:
- وهذه هي شهادة يوحنا حين أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه من أنت.
فاعترف ولم ينكر وأقرّ أني لست المسيح,
فسألوه إذا ماذا, إيليا أنت, فقال لست أنا, النبي أنت, فأجاب لا,
فقالوا من أنت لنعطي جواباً للذين أرسلونا, ماذا تقول عن نفسك,
قال إنا صوت صارخ في البرية قوّموا طريق الرب كما قال اشعياء النبي,
وكان المرسلون من الفريسيين فسألوه فما بالك تعمّد إن كنت لست المسيح ولا إيليا ولا النبي,
أجابهم يوحنا قائلاً إنا أعمّد بماء ولكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه, هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدّامي الذي لست بمستحق أن أحلّ سيور حذائه, هذا كان في بيت عبرة في عبر الأردن حيث كان يوحنا يُعمّد. (يوحنا1/19-28)
في هذا النص نرى ان يوحنا كاتب الإنجيل يوضح أن رؤساء الكهنة والفريسيين كانوا ينتظرون المسيح الذي بشرت به كتبهم, فبادروا بسؤال يوحنا عن السبب الذي من أجله يُعمّد, هل هو المسيح أو إيليا أو النبي.
وان كنت أُشكك في أصل هذا النص من حيث حدوثه لان أسفار العهد القديم التي تحدثت عن رجل من ذرية داؤد والذي سيأتي ليخلص اليهود من الاضطهاد الذي يتعرضون له لم تتحدث في أي سفر من الأسفار ان هذا الرجل سيُعمّد سواء بالماء أو بالروح المقدس أو بالروح المقدس ونار كما ذكرت بعض الأناجيل, كما أن التعميد لم يكن من شرائع اليهود فكيف سيكون علامة على المسيح أو إيليا أو النبي؟!
ومما يعزز شكي في أصل النص هو وجود فقرات في هذا النص تتناقض مع أقوال أخرى ليسوع يصف فيها يوحنا المعمدان انه إيليا كما في النصين التاليين:
- لان جميع الأنبياء والناموس إلى يوحنا تنبئوا,
وان أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي. (متّى11/13-14)
- ولكني أقول لكم إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه بل عملوا به كل ما أرادوا,
حينئذ فهم التلاميذ انه قال لهم عن يوحنا المعمدان. (متّى17/12-13)
كما نقرأ فإن متّى كتب على لسان يسوع في النص الاول ان يوحنا هو إيليا, وفي النص الثاني وفهم التلاميذ ان يوحنا هو إيليا, في حين أن يوحنا كتب على لسان يوحنا المعمدان نفسه انه ليس إيليا, فمن نصدق متّى أم يوحنا؟
ان القاعدة التي نحكم بها على النصوص ان كانت بإشراف الروح المقدس أو وحياً مباشراً من الرب أو إنها من غير هذين المصدرين هو عدم وجود أي خطأ فيها أو تناقض بينها وبين النصوص الأُخرى لان العهد القديم يقول إن الرب ليس أنساناً فيكذب ولا ابن آدم فيندم. (عدد23/19), فهذا التناقض الظاهر بين النصوص هنا كما قلت يعزز شكوكي حول أصله أو أصلها كلها.
ولكن على الرغم من هذا الالتباس إلا أنه يمكن اعتباره بداية طبيعية لموقف رؤساء الكهنة, وهو موقف أي إنسان عندما يسمع عن دعوة أو نبي فان أول ما يتبادر على ذهنه هو السؤال عن صدق هذه الدعوة أو النبي.
وللاطلاع على المزيد من مواضيع الاناجيل ارجو التكرم بزيارة روابط المدونة

نادر عيسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق